محمد حسن الساعدي
المشهد السياسي العراقي في الآونة الأخيرة شهد تصاعدًا لخطاب التحريض والتشويه الموجّه ضد شخصيات وطنية بارزة، ومن بينها زعيم تيار الحكمة الوطني السيد عمار الحكيم، هذه الحملات، التي تأتي أحيانًا بلباس النقد السياسي وأحيانًا عبر رسائل مبطنة ومباشرة، تحمل في طياتها أهدافًا أبعد من مجرد الاختلاف في الرأي، إذ تسعى إلى ضرب الرموز المؤثرة التي تحاول الموازنة بين الثوابت الوطنية ومتطلبات المرحلة.السيد عمار الحكيم، المعروف بخطابه الداعي إلى الاعتدال والحوار، لعب دورًا مهمًا في الدعوة إلى وحدة الصف وتغليب منطق الدولة على منطق السلاح أو المصالح الضيقة،هذه المواقف جعلته في مرمى أطراف ترى في خطابه تهديدًا لمشاريعها، سواء تلك التي تعتمد على الاستقطاب الطائفي أو على الانقسامات السياسية لتعزيز نفوذها،لذلك، فإن الاستهداف لا يأتي من فراغ، بل هو جزء من صراع على هوية الدولة ومسارها المستقبلي.أسلوب الاستهداف يتنوع بين التشويه الإعلامي الممنهج عبر منصات التواصل، وترويج الشائعات، ومحاولة تقزيم الإنجازات والمبادرات السياسية التي يقودها. وفي الوقت نفسه، يتم تجاهل مواقفه الوطنية التي دعا فيها إلى التهدئة ونبذ العنف وتعزيز الاستقرار، وكأن المطلوب هو إسكات أي صوت يدعو إلى الإصلاح المتوازن،كما أن السياق الإقليمي والدولي يزيد من حساسية الموقف؛ إذ يحاول العراق اليوم إيجاد توازن دقيق بين محيطه العربي والإقليمي، ويقف أمام تحديات اقتصادية وسياسية وأمنية. في مثل هذا الظرف، يصبح استهداف الشخصيات التي تحاول بناء جسور التواصل وإطلاق مبادرات داخلية، إضعافًا مباشرًا لجبهة الاستقرار السياسي.اللافت أن هذه الحملات لا تقتصر على الخصوم السياسيين التقليديين، بل قد تتسع لتشمل أطرافًا متضررة من دعواته لمكافحة الفساد وترسيخ مفهوم الدولة المدنية، وهي أطراف تخشى أن تؤدي هذه المواقف إلى فقدانها لمكاسب غير مشروعة، لاجل ذلك يمكن القول إن استهداف السيد عمار الحكيم هو انعكاس لأزمة أعمق في الحياة السياسية العراقية، حيث لا يزال الخطاب العقلاني المعتدل يواجه مقاومة شرسة من قِبل قوى تستفيد من الانقسام والتوتر،ومع ذلك، فإن التاريخ العراقي يثبت أن الأصوات التي تحمل مشروعًا وطنيًا حقيقيًا قد تتعرض للتشويه مؤقتًا، لكنها تبقى راسخة في وجدان جمهورها، وتواصل دورها رغم الضغوط.