24 Jul
24Jul

 محمد الحسن 

 ربما يعود الجذر التأسيسي لتيار الحكمة الوطني إلى ما قبل العام ٢٠٠٣ وتحديدا نهايات القرن الماضي وبداية العام (٢٠٠٠) عندما شرع السيد عمار الحكيم بتأسيس مجموعة "الصفوة" المكونة من شباب نوعي من المنتمين أصلاً للمجلس الأعلى و "فيلق" بدر وحركة حزب الله، وغيرها من مكونات المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق (آنذاك). الغاية هنا، تجديد الدماء وتحريك الركود في الواقع المعارض وتهيأة الكوادر لما بعد التغيير. لم يكتب لهذا المشروع التطور، نتيجة لأسباب موضوعية. ما بعد التغيير، مرّت العملية السياسية بمنعطفات خطيرة جدا، وكادت ان تتكلّس، وتنكفأ نتيجة للفجوة التي بدأت تتسع بين الطبقة السياسية والشارع العراقي، لا سيما الشباب. هنا كان لا بدّ من اختراق هذا الواقع، وكسر حالة الانغلاق السياسي وفتح المجال لشرائح جديدة من العراقيين للمشاركة في القرار السياسي. بدت محاولة ردم الفجوة، في البدايات، غريبة، عندما أسّس السيد الحكيم "تجمع الأمل" في العام ٢٠١٠، مستقطباً شرائح جديدة وكبيرة للعميلة السياسية، وبالتالي صار التجمع الذي يضم مجاميع غير منتمية للطبقة السياسية، داعماً للنظام السياسي بشكل عام. وعلى الرغم من هذا الإنجاز، انتقلت الفجوة من المساحة الوطنية، إلى داخل المساحة التيارية، اي إلى تيار "شهيد المحراب". حيث وجدت الطبقة القديمة والمشاركة في إدارة الدولة، صعوبة في التأقلم مع شريحة الشباب التي جدّدت الدماء وخلقت حراكاً ملحوظا في الساحة العراقية عموما. الأمر اصبح مثقلاً، ولم يعد مجالاً للمناقشات الداخلية، فكان السيد الحكيم بين خيارين؛ إما الاستئثار بالمجلس الأعلى وباقي مكونات تيار شهيد المحراب وإضعاف طبقة القدماء، لا سيما وأنّ غالبيتهم العظمى وصل إلى مراحلة عمرية متقدمة، او ان يبقي الطبقة الشبابية الصاعدة كجمهور انتخابي ليس له دورا في صنع القرار السياسي. لم يختر الحكيم أي من الرؤيتين، بل اجترح رؤية جديدة تحفظ للطبقتين حيثياتهم الاعتبارية والمعنوية، إذ اطلق تيار الحكمة الوطني ككيان سياسي جديد، تاركا المجلس الأعلى الإسلامي العراقي بكل ثقله وإمكاناته لطبقة الكبار. النقطة الإيجابية أنّ طريقة الانشطار او الانشقاق، لم ترافقها حملات تخوينية، وقد بررت موضوعيا، الأمر الذي ترك أبواب التواصل مفتوحة والعلاقات قائمة. رؤية الحكيم لم ترق لكثير من القوى في بداياتها، غير أنّ نفس تلك القوى فتحت أبوابها فيما بعد، للشباب ولشرائح اجتماعية وهو ما طوّر من الاندماج الاجتماعي في العملية السياسية، فالحكمة لم تكن ترفاً؛ إنما ضرورة قصوى لرفد النظام السياسي العراقي بدماء جديدة.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2025 جميع الحقوق محفوظة - الموقع الرسمي لتيار الحكمة الوطني