31 Jul
31Jul

رسل جمال

حين يحلٰ الأول من شهر صفر، يُعاد إحياء مناسبة ذات دلالة عظيمة، ليس في بعدها التاريخي فقط، بل في امتدادها الإنساني والاجتماعي المعاصر، إنه "اليوم الإسلامي لمناهضة العنف ضد المرأة"، وهو اليوم الذي شهد دخول سبايا آل الرسول عليهم السلام إلى الشام بعد فاجعة كربلاء، حيث كانت السيدة زينب (عليها السلام) رمزًا لصمود المرأة، وشاهدةً على أفظع انتهاكات الظلم والطغيان، لكنها لم تنكسر، بل واجهت العنف بكلمة الحق، وبقوة الإيمان، وبعظمة الموقف.في هذا اليوم، لا نستذكر الماضي لأجل الحزن فقط، بل نُحيي عهدًا جديدًا لمواجهة مظالم الحاضر، التي ما زالت تُمارس ضد المرأة، ليس فقط بالسلاح أو القهر، بل بالصمت، بالإهمال، بالتهميش، وبالتقليل من شأنها داخل الأسرة والمؤسسة والمجتمع.المرأة، بكل تجلياتها كأم وزوجة وأخت وبنت، ليست مجرد نصف المجتمع كما يُقال مجازًا، بل هي ركيزة الأسرة وأساس نهضة الأمم، من لا ينصف المرأة في بيته، لا يمكن أن يكون عادلاً في وطنه، ومن لا يمنحها حقها في مؤسسته، لا يستطيع أن يحقق تنمية أو عدالة أو استقرارًا دائمًا.وفي هذا السياق، يُسجل لتيار الحكمة الوطني موقفًا رائدًا حين كان أول كيان سياسي يسلط الضوء على هذه المناسبة المهمة، ويضعها في صدارة اهتماماته، انطلاقًا من الإيمان الحقيقي بأن قضايا المرأة ليست ترفًا فكريًا ولا بندًا انتخابيًا، بل جوهر لبناء مجتمع قوي وسليم، لقد تبنّى التيار هذا اليوم، مستلهمًا من السيدة زينب (ع) انموذجًا مشرّفًا للمرأة الحرة في التاريخ العربي والإسلامي، تلك المرأة التي لم تهتز رغم المصاب الجلل، والتي واجهت الطغيان في مجلس يزيد بعبارات أقلقت العروش وأرعبت الجبابرة.ايماناً ان النصر يبدأ من المراة وينتهي عندها، فهي من تتولى انتاج جيللً لا يخنع، ولا يخضع، ولا يهدأ ولا يستكين، هي من تربي الجيل على التحدي والمواجهة، وهي من تزرع بذور العقيدة في دواخلهم إنّ اليوم الإسلامي لمناهضة العنف ضد المرأة ليس مناسبة عابرة، بل محطة للتفكر، والمحاسبة، والتجديد، علينا أن نسأل أنفسنا: هل أنصَفنا المرأة في قوانيننا؟، في خطابنا الديني، في مؤسساتنا التعليمية؟ في إعلامنا، وفي عقولنا وقلوبنا؟ وهل ما زال لدينا متّسع من الشجاعة لكي نُغيّر ما يجب تغييره،؟ ونعيد للمرأة اعتبارها في جميع مفاصل الحياة؟إن صوت زينب (ع) ما زال يدوّي في ضمائر الأحرار، ومثلما حملت راية الصبر والصمود بعد كربلاء، فإن نساء اليوم يحملن أعباء الحروب والمجاعات والفساد والتهميش، ويجب أن تُمنح لهن الفرصة ليكنّ شريكات حقيقيات في التغيير.تحية لكل سيدات الصبر في الماضي والحاضر، وتحية لكل من وقف، وسَيَقف، ضد كل أشكال العنف والتمييز.وليكن الأول من صفر، من كل عام، مناسبة نُعيد فيها رسم ملامح العدل، انطلاقًا من كرامة المرأة، وصولًا إلى كرامة الإنسان .

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2025 جميع الحقوق محفوظة - الموقع الرسمي لتيار الحكمة الوطني