عباس البخاتي
الحديث عن بعض القضايا التي لها صلة بالمذهب وثقافة المكوّن ومعتقدات أبنائه، يكون مرةً انعكاسًا لحالة عامة تشعر بها النخب وتُسلّط الضوء عليها، ومرةً يكون فكرةً تتبناها جهةٌ ما تعتزّ بانتمائها للمكوّن وتُسوّقها في أوساطها الجماهيرية، لتصبح ركيزة فكرية تُربّي أتباعها على الدفاع عنها، وتسعى لجعلها ثقافة عامة تُعمَّم في الوجدان الشيعي.أعتقد أن الكلام حول مناسبة الأول من صفر يتخذ المنحى الثاني، كون الدعوة لاتخاذ هذا اليوم مناسبةً لمناهضة العنف ضد المرأة انطلقت من شخصية نتفق جميعًا على تصدّيها للشأن العام، لكنها بنظر الكثيرين شخصيةٌ مؤسسة لمشروع سياسيٍّ فكريٍّ دينيٍّ له منطلقاته الخاصة، التي يتفق الآخرون مع بعضها ويختلفون حول البعض الآخر منها.ولكي لا أطيل في الحديث، لا بد من الدخول في تفاصيل القضية والكتابة بالخط العريض حولها:التاريخ: هو الأول من صفر.المناسبة: دخول سبايا آل محمد (صلى الله عليه وآله) إلى الشام بعد رحلة السبي المريرة.الداعي: هو السيد عبد العزيز الحكيم (رضوان الله عليه).الدعوة: هي اتخاذ تلك المناسبة يومًا عالميًا لمناهضة العنف ضد المرأة.بعد رحيله، استمر نجله السيد عمار الحكيم على إحياء تلك المناسبة لعدة اعتبارات، منها: الوفاء لمشروع أبيه السياسي الديني الوطني، وترسيخ مظلومية العقيلة زينب بنت علي (عليها السلام) في أذهان الأجيال، وإيصال رسالتها ومواقفها في رفض الظلم إلى العالم، وتعزيز ثقة المرأة العراقية – وخصوصًا المسلمة – بنفسها، وتشجيعها على الإبداع في ميادين العمل والأسرة وتربية الجيل، وإنعاش الوعي الإسلامي لدى الأبناء والأحفاد.طبعًا، كل هذه المعاني والدلالات الفكرية والاجتماعية تُعتبر في نظر قطعان الهمج وعديمي الثقافة وبسطاء التفكير ممّن فقدوا هويتهم الدينية والثقافية، مصطلحات بحاجة للترجمة حتى يفهموها!فأكيد راح يُعقد المؤتمر السنوي بهذه المناسبة، وبرعاية السيد عمار الحكيم، وأكيد الحضور ٩٠٪ منه نساء "كون الأمر يعنيهن"، وأكيد السيد راح يتكلم بعدة محاور، منها الدينية والسياسية والاجتماعية، وخلال المؤتمر راح يُسلَّط الضوء على دور السيدة زينب في القضية الحسينية.هنا نشوف البيجات راح تدخل "الإنذار ج"، وتطلق صفّارات الإنذار، وتُعلن الاستعداد رقم 1... شكو؟عمار الحكيم يلتقي بالنسوان!!وراح تقرأ تعليقات تزكم الأنوف وتحمل كمية من السخف والغباء لدرجة الشعور بالقلق من واقع هذه الأمة، والخوف على مستقبلها من كمية الدناءة، التي يعتقد أصحابها أنهم يضربون عصفورين بحجر واحد:الأول: استمرارهم في عملية التسقيط السياسي لرجلٍ منافسٍ ومؤثر في الساحة العراقية.الثاني: الاستهانة بالعباءة الإسلامية وازدراء بنات الوسط والجنوب.الثالث: صرف الأنظار عن غاية المؤتمر وهدفه، والتمعن في رسالته، وتسفيه الحدث الذي وقع قبل أكثر من 14 قرنًا.السؤال هنا لأبناء الوسط والجنوب، باعتبار الحضور من بنات بيئتكم الاجتماعية:هل سيُخدعن بدعايات البيجات الهابطة؟هل ستتناغمون مع أصحابها المجهولين لا لشيء سوى الانتقاص من رجل دين يمارس دوره السياسي؟وهل ستُعطون الأفضلية في الواقع الافتراضي لـ"الفانشيستات" اللواتي يتصدرن مواقع التواصل، على حساب بنات بيئتكم الاجتماعية، اللواتي كان ذنبهن الوحيد هو التزامهن بالعباءة والحجاب، وهو ما يُخالف رغبة دعاة الانحلال والحرية؟#مناهضة_العنف_ضد_المرأة