ثامر الحجامي
في كل المراحل التاريخية للبشرية، كانت المرأة شريكة للرجل في المحطات المهمة والمؤثرة في التاريخ. فلم ينزل آدم عليه السلام إلى الأرض إلا وحواء معه، وكان لإبراهيم عليه السلام شريكتان في أيام النبوة: هاجر وسارة، وجاء عيسى عليه السلام من رحم السيدة مريم العذراء، وكانت السيدة خديجة شريكة النبي محمد صلى الله عليه وآله في المحنة ونشر رسالة الإسلام.وهكذا، في كل المحطات التاريخية، وفي مختلف المجتمعات البشرية، كانت المرأة عنصرًا فاعلًا ومؤثرًا. لكنها، وبسبب المتغيرات التاريخية والحروب والصراعات، كانت الأكثر عرضة للاعتداء والتعنيف والتنكيل، كما غُيِّب دورها الكبير في بناء المجتمع. وبغياب هذا الدور، تعاني معظم المجتمعات من الجهل والمشكلات الاجتماعية، وعدم النمو والتطور، نتيجة غياب التوازن الذي خُلقت عليه البشرية.ولعل أبرز مظاهر العنف ما تعرضت له نساء العترة الطاهرة في واقعة كربلاء، حين شاركن الإمام الحسين عليه السلام في الحدث الأبرز، والمعركة الأشرف التي خاضها ضد طاغية عصره. فقد كانت السيدة زينب، والسيدة الرباب، والسيدة ليلى، شريكات للإمام الحسين وأبي الفضل العباس عليهما السلام في تلك المعركة، وكنّ سَاتِرَهم الخلفي وفريق الدعم الذي وقف إلى جانبهم، مجسداتٍ الدور الحقيقي للمرأة ووقوفها مع الرجل في خندق واحد. وقد تعرضن لما تعرضن له من سبيٍ واعتداءٍ وتنكيل.ومن هذا المنطلق، يُقام مؤتمر مناهضة العنف ضد المرأة، الذي يُصادف الأول من صفر، يوم دخول سبايا أهل البيت عليهم السلام إلى الشام. ويهدف هذا المؤتمر إلى نبذ أساليب العنف، خصوصًا العنف الأسري والمجتمعي الذي تتعرض له المرأة، وتمكينها من أداء دورها في بناء المجتمع، واستعادة مكانتها التي تستحقها، وإزالة مظاهر الجور والتنكيل والحرمان التي تعرضت لها في الأزمنة السابقة. فهو دعوة لنفض الغبار عن المرتكز الثاني لأي مجتمع، بل عن المرتكز الأبرز لبناء المجتمعات المتطورة، لما للمرأة من أدوار متعددة ومحورية.إن الدعوات إلى مناهضة العنف ضد المرأة يجب أن تتخذ طابعًا عمليًا وفعليًا، سواء على المستوى الاجتماعي أو على المستوى الحكومي، من خلال إصدار جملة من التشريعات التي تحمي حقوق المرأة، وتعزز مشاركتها في الحياة الاجتماعية والسياسية، وتُشركها في البناء وصنع القرار، مع إزالة ترسبات الماضي التي جعلت من حقوقها قضية هامشية.#مناهضة_العنف_ضد_المرأة#واحد_صفر#تيار_الحكمة_الوطني